اﻷحد, 27 يوليو, 2025
ذ. بوشعيب بنجنان
باحث في الشؤون القانونية
العدد الرابع،مارس2025
مقدمة:
التي يوليها جلالة الملك محمد السادس لإصلاح الشأن الديني بالمغرب، وُظفت وسائل وإمكانيات مادية وبشرية كفيلة بإنتاج خطاب ديني يضمن استمرارية ثوابت الخصوصية المغربية القائمة على المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية والتصوف السني ومؤسسة أمير المؤمنين.
والقيم الديني هو قطب أساسي في مسار إصلاح الحقل الديني، حيث يندرج في إطار السياسة العامة لإعادة هيكلة الحقل الديني الرامية إلى تحصين البلاد من نوازع التطرف والإرهاب والحفاظ على هويته المتميزة بالوسطية والاعتدال والتسامح، باعتبارها عملية دائمة ومستمرة لما تتطلبه من تجاوب وتفاعل مع التطورات المستجدة مع الوقت.
وأصدرت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بعض المراجع المتعلقة بالمساجد والقيمين عليها، كان أبرزها كتاب خصوصيات معمار المساجد بالمملكة المغربية، وكتاب مساجد مغربية عبر التاريخ، وكتاب مساجد المغرب، الذي أوضح إبداع المغاربة في عمارة المسجد، أَضف إلى ذلك كتاب دليل الإمام والخطيب والواعظ.
وتم الرقي بالمستوى العلمي والمهني لفئة القيمين الدينيين، وتحسين أوضاعهم المادية والاجتماعية، عبر اعتماد مسطرة التعاقد ابتداء من سنة 2006 لتوظيف خريجي وخريجات برنامج تكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات كمتصرفين مساعدين، وإخضاع عملية التكليف بمهمتي الإمامة والخطابة للترشيحات ابتداء من سنة 2009، وإحداث مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للقيمين الدينيين سنة 2010، وإحداث معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات سنة 2014، وإحداث مديرية تدبير شؤون القيمين الدينيين برسم سنة 2016.
وَوُضعت برامج لتأهيل الشأن الديني بالمغرب منها برنامج تكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات[6]، وبرنامج تأهيل الأئمة في إطار خطة ميثاق العلماء، وبرنامج دعم التأطير الديني المحلي، وهي برامج تهدف إلى تحصين المساجد من أي استغلال، والرفع من جودة القيم الديني لأداء مهمته في أحسن الظروف في إطار الثوابت الدينية والوطنية.
ولتفادي تعرض القيمين الدينيين للظلم خلال القيام بمهامهم الدينية، أُحدثت لجنة وطنية للنظر في شكاياتهم وتظلماتهم، ورفع كل حيف أو ضرر لحقهم في علاقتهم مع إدارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وهي شكايات وتظلمات لا تقبل من أي جهة غير القيم الديني المكلف أو المتعاقد.
وألزم المشرع أن تكون الشكاية مكتوبة ومؤرخة، وأن تتضمن موجز الوقائع، وتُرفق بنسخة مشهود بمطابقتها للأصل من كل من قرار التكليف بالنسبة للقيم الديني المكلف، أو العقد بالنسبة للقيم الديني المتعاقد.
ويُقصد بالقيميين الدينيين الذين يزاولون مهامهم الدينية بالأماكن المخصصة لإقامة شعائر الدين الإسلامي، الأشخاص المتعاقدون مع الدولة ممثلة في السلطة الحكومية المكلفة بالأوقاف والشؤون الإسلامية، وكذا الأشخاص المكلفون من قبلها بموجب قرار صادر عن وزيرها أو السلطة المفوض لها بذلك.
أهمية الموضوع النظرية والعملية:
ولهذا يكتسي موضوع "وضعية القيم الديني بين التأطير التشريعي والعمل القضائي المغربي" أهمية بالغة سواء على المستوى النظري أو العملي، فالأهمية الأولى تبدو من خلال الاهتمام التشريعي المتزايد بوضعية القيم الديني المكلف والمتعاقد، خاصة بعد صدور مجموعة نصوص قانونية أقرت قواعد حمائية له، والأهمية الثانية تبدو من خلال النزاعات المعروضة على القضاء، والصادرة بخصوصها أحكام كرست نوعا من الحماية المقررة للقيم الديني على مستوى التشريع.
إشكالية الموضوع:
وإذا كان الموضوع يتعلق بوضعية القيم الديني المكلف والمتعاقد، فإن الأمر يستدعي أن نطرح إشكالية محورية يمكن تلخيصها فيما يلي:
ماهي الجوانب التي عالجها المشرع المغربي فيما يخص وضعية القيم الديني المكلف والمتعاقد، والجوانب التي مازالت عالقة، وتحتاج بالتالي، لتدخل تشريعي لمعالجتها؟ ودور العمل القضائي في هذا الشأن؟
إن الإشكالية المطروحة تنبثق من الحماية القانوني والقضائية لوضعية القيم الديني التي أقرها المشرع المغربي وكرسها القضاء المغربي، وإبرازها بشكل جلي للتأكد مما إذا كانت كافية لتحقيق الأمن الروحي للمواطن، أو مازالت هناك نواقص يستوجب الوقوف عليها لإظهارها بغية سد الفراغ التشريعي بخصوصها.
للاطلاع على البحث كاملا:
المركز المغربي للاقتصاد التشاركي، مركز مستقل غير ربحي، تأسس سنة 2019 بمدينة أكادير، من قبل مجموعة من المتخصصين والمهتمين بالاقتصاد والمالية التشاركية، منتسبين لمجالاته الثلاث؛ الفقه والاقتصاد والقانون. وتكمن رؤيته في الإسهام في التعريف بمقتضيات الاقتصاد التشاركي وإبراز دوره التنموي في شموليته، والوعي بخصوصياته التأصيلية وسياقاته التنزيلية وتطبيقاته المعاصرة.